كل ما تحتاج معرفته عن التهاب الكبد الفيروسي

التهاب الكبد الفيروسي

التهاب الكبد الفيروسي


التهاب الكبد، بالفرنسية "Hépatite"، و بالإنجليزية "Hepatitis"، هو التهاب على مستوى الكبد، نتيجة تأثير المواد السامة، أو الفيروسات و التي تكون في أغلب الحالات هي المسببة للمرض. إلى حد اليوم تم اكتشاف 5 أنواع من الفيروسات المسببة للمرض، و تتم الإشارة إليها بالأحرف: A,B,C,D,E، تختلف هذه الانواع في طريقة انتقالها، وفي شدة تأثيرها على جسم المصاب. 

مع أنّه تم التعرف على النوعين A وَ B ، في ستينات و سبعينات القرن الماضي، إلّا أنه لم يتم التعرف على النوعين C وَ E حتى سنة 1989 و 1990.

1/ أسباب الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي:

بمجرد وصول الفيروسات إلى الكبد، تدخل الخلايا لتقوم بالتكاثر، يحاول الجهاز المناعي المسؤول عن حماية جسم المصاب تدمير هذه الفيروسات فينجم عن ذلك ظهور الإلتهاب.

يمكن ملاحظة الأعراض المميزة لالتهاب الكبد الفيروسي أثناء مهاجمة الفيروسات بسهولة، و يمكن أن يستمر ظهورها لأسابيع:

اصفرار الجلد و العينين، البول الداكن، تغير لون البراز، التعب الشديد، الغثيان، القيئ، و آلام البطن. و على عكس التهاب الكبد الفيروسي A وَ E ، يمكن أن ينتقل النوع B أو C إلى حالة مزمنة من المرض، أي أن الفيروس يبقى داخل جسم المصاب لفترة طويلة، فينجم عن ذلك مضاعفات خطيرة بعد عدة سنوات: تليف الكبد و سرطان الكبد. 

ملاحظة: من المستحيل تحديد نوع الفيروس أثناء المرحلة الحادة للمرض بالإعتماد على الأعراض فقط.

2/ التهاب الكبد الفيروسي B :

يعتبر التهاب الكبد الفيروسي "ب" أحد أكثر الأمراض انتشارا على سطح الكوكب، حيث يقدر عدد الأشخاص الذين تمت إصابتهم بالعدوى بحوالي 2 مليار نسمة، و يبلغ عدد الأشخاص الذين يعانون من الشكل المزمن للمرض و الذين يمكن ان ينقلوه لسنوات:257 مليون فرد،  يعتبر هؤلاء الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بسرطان الكبد و تليف الكبد، وهي امراض تفتك بحوالي 887000 شخص سنويا.

أعراضه:

غالبا ما تكون الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي ب الحاد بدون أعراض، و إذا ظهرت فهي تكون شبيهة بأعراض الانفلونزا: الحمى، الغثيان، القيئ، فقدان الشهية، و اضطرابات الجهاز الهضمي. و حسب عمر الإصابة يمكن أن تظهر الأعراض المميزة لالتهاب الكبد (اصفرار الجلد و العينين، البول الداكن و تغير لون البراز)، حيث تتراوح الفترة الممتدة من الإصابة بالعدوى إلى ظهور اليرقان من 45 إلى 180 يوم، و تقدر في المتوسط بـ60 إلى 90 يوم.

لا يتطور المرض إلى شكله المزمن عند كل المصابين، و يرتبط الخطر عكسيا بعمر المريض عند الإصابة: 80 إلى 90٪ من الاشخاص المصابين أثناء الولادة، 20 إلى 30٪ من الأشخاص المصابين أثناء مرحلة الطفولة، و أقل من 5٪ من الأشخاص المصابين بعد البلوغ.

أغلب الأشخاص المصابين بالشكل المزمن للمرض لا يظهرون أية أعراض، في حين أن الكبد يظهر علامات جد مميزة للإصابة، ويبقى هؤلاء قادرين على نقل العدوى إلى محيطهم.

انتقال العدوى:

يعتبر التهاب الكبد الفيروسي ب من الأمراض المعدية شديدة الإنتقال: حيث تقدر درجة انتقاله بـ50 إلى 100 ضعف شدة انتقال فيروس الإيدز. يمكن أن ينتقل الفيروس عبر جميع سوائل و افرازات جسم المصاب، ومن أهم الطرق الرئيسية للانتقال: من الأم للطفل أثناء الولادة، الإتصال الوثيق مع الشخص المصاب، الإتصال الجنسي، الحقن (عند المدمنين)، و عمليات نقل الدم الغير آمنة.

احصائيا، يعتبر انتقال العدوى من الأم إلى الطفل، و بين الأشقاء، هو الأكثر انتشارا حول العالم. 

علاجه:

لحد الآن لا يوجد علاج يسمح بالشفاء من التهاب الكبد الفيروسي ب، وحتى المنتجات الواقية للكبد لم يتم اثبات فعاليتها، لذلك يجب على الشخص المصاب انتظار الجهاز المناعي ليتغلب على الفيروس بشكل طبيعي.

و ما لم يتم الشفاء، تبقى السوائل الطبيعية في جسم المصاب ناقلة للمرض: الدم، اللعاب، السائل المنوي، و الإفرازات المهبلية. في حين إذا نجح الجهاز المناعي في التغلب على المرض و عاد الكبد إلى حالته الطبيعية، تتشكل مناعة عند الشخص المصاب تسمح بحمايته مدى الحياة ضد الفيروس ما لم يستخدم أدوية مثبطة للمناعة.

اللقاح:

يبقى التطعيم هو الإجراء الوحيد الموثوق لمحاربة التهاب الكبد الفيروسي "ب" على نطاق واسع. و قد تم سنة 1981 تطوير لقاح جد فعال ضد هذا الفيروس، حيث تسمح 3 حقن من هذا اللقاح بحماية 98٪ من الأشخاص، و تمنح حماية تدوم أكثر من 10 سنوات (تصل إلى مدى الحياة). 

3/ التهاب الكبد الفيروسي C:

تم التعرف على الفيروس سنة 1989، و يعتبر المسبب الرئيسي لالتهابات الكبد الناتجة عن نقل الدم، يتميز الفيروس بتأثيره الخاص على الإنسان و الشامبانزي من بين جميع أصناف الكائنات الحية.

أثناء تضاعف الفيروس داخل جسم الإنسان، تحدث العديد من الأخطاء التي تؤدي إلى ظهور عدة أنواع من نفس الفيروس، و قد تم تقسيمها إلى 7 أنماط من الجينوم الفيروسي المسبب للمرض. 

أعراضه:

يظهر التهاب الكبد الفيروسي س الحاد بعد فترة حضانة تدوم من 6 إلى 10 سنوات، وهو بشكل عام دون أعراض، و إذا ظهرت فانها تكون شبيهة بباقي أعراض التهاب الكبد: اليرقان، التعب، الغثيان، و الألم المتبوع بالبول الداكن.

في هذه المرحلة، غالبا ما يكون الكبد (يمكن مراقبة حالته بواسطة إنزيمات خاصة) قليل التضرر، و نادرا ما يحدث تضرر الوظائف الحيوية للكبد.

لا يتم تأكيد العلاج إلّا بعد ظهور الأجسام المضادة للفيروس و اختفاء هذا الأخير من الدم على الأقل بعد 6 أشهر من الإصابة بالعدوى. تشير الإحصاءات إلى أنّ 15 إلى 45٪ من المصابين فقط من ينجحون في التغلب على المرض، في حين أن 55 حتى 85٪ من المصابين يتطور عندهم المرض إلى شكله المزمن، و الذي يؤدي في النهاية إلى مضاعفات خطيرة مثل تليف الكبد.

يمكن أن نميز 3 عوامل خطر رئيسية تؤدي إلى ظهور تليف الكبد : مدة الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي، عمر المريض أثناء إصابته بالعدوى، و درجة استهلاكه للكحول.

انتقال العدوى: 

يعتبر الدم هو الناقل الرئيسي لفيروس التهاب الكبد سِ ، عن طريق النقل الغير آمن للدم، حقن المخدرات عبر الوريد، و التبرع بالأعضاء.

كان انتقال الفيروس عبر نقل الدم هو الأكثر شيوعا في وقت مضى، إلى أن تم فرض الفحص الروتيني للدم المتبرع به في أواخر القرن الماضي، ويقدر عدد الحالات الناتجة عن الحقن الغير محمي للمخدرات بشكل خاص، و استعمال أدوات غير معقمة، بالإضافة إلى نقل الدم من المصابين، بحوالي 2 مليون حالة حول العالم كل عام، بينما و على عكس التهاب الكبد الفيروسيB فإن عدد الحالات الناتجة عن انتقال الفيروس من الأم المصابة إلى الطفل، لا يمثل سوى 5٪ من الحالات.

بالنسبة لانتقال الفيروس عبر الإتصال الجنسي فهو موضوع مثير للجدل، و إن كان لا ينتمي إلى الطرق الرئيسية لانتقال الفيروس، فإلى حدّ الساعة، لم يتم استبعاده.

العلاج:

في السنوات الأخيرة، تم تطوير أدوية جديدة تستهدف الفيروس بشكل خاص (عكس الأدوية القديمة التي كانت فعاليتها محدودة و يمكن أن تؤدي إلى ظهور أعراض جانبية خطيرة)، و يعود الفضل في ذلك إلى المعرفة الأفضل لبنية و وظيفة البروتينات الفيروسية.  

يوصى العلاج باستخدام هذه الأدوية المضادة للفيروس، لجميع المصابين بالتهاب الكبد الفيروسي "سِ" ، شرط أن يتجاوز سنهم 12 سنة، حيث يدوم العلاج من 12 إلى 24 أسبوعا، و يسمح بشفاء 95٪ من المصابين.

اللقاح: 

لحدّ الآن، لا يوجد لقاح مضاد لالتهاب الكبد الفيروسي س ، لذلك فإن أكثر الوسائل فعالية للوقاية تكمن في السيطرة على مخاطر انتقال الفيروس داخل المستشفيات بالتعقيم و مراقبة عمليات نقل الدم و الفحوصات و ما إلى ذلك، بالإضافة إلى الحد من انتشاره بين متعاطي المخدرات.

كل ما تحتاج معرفته عن التهاب الكبد الفيروسي
الدكتور مكي هيثم

تعليقات

google-playkhamsatmostaqltradent