نعم، يمكنك أن تتجنب تقليد الآخرين وتبني أسلوبك الفريد على يوتيوب من خلال التركيز على هويتك، وشغفك، وتجربتك الشخصية. فالمفتاح الحقيقي للتميّز ليس أن تكون نسخة من أحد، بل أن تكون أنت، بكل ما تحمله من تفرد.
النجاح على يوتيوب لا يُقاس بعدد المشاهدات فقط، بل بمدى تأثيرك، وبقدرتك على خلق محتوى يحمل لمستك الخاصة التي لا تُشبه أحدًا.
لماذا نقع في فخ التقليد؟
في بداية المشوار على يوتيوب، من الطبيعي أن تنجذب إلى القنوات المشهورة التي تُحقق ملايين المشاهدات، فتبدأ في تقليدها أملاً في الوصول لنفس النجاح.
لكن التقليد المفرط يُشعِر الجمهور بأنك مجرد "نسخة باهتة"، فيتجاهلك. والسبب بسيط: الناس يتابعون الأصل، لا النسخة.
✦ الأسباب الشائعة للتقليد:
-
الخوف من الفشل.
-
غياب الثقة بالنفس.
-
الجهل بكيفية صناعة أسلوب خاص.
-
الانبهار الزائد بمؤثرين ناجحين.
لكن لحسن الحظ، يمكن تخطي هذا كله بخطوات عملية.
خطوات صناعة أسلوبك الخاص على يوتيوب
1. اكتشف صوتك الداخلي
ابدأ بطرح هذا السؤال: ما الذي أود الحديث عنه لو لم يشاهدني أحد؟
عندما تصنع محتوى تُحبه بصدق، سينعكس ذلك في أسلوبك ونبرتك وحتى تعبيرات وجهك. الجمهور يلاحظ الشغف، ويحب الأصالة.
💡 نصيحة: خصص دفترًا صغيرًا لتدوين أفكارك وتصوراتك، بعيدًا عن يوتيوب في البداية. هذه المسودة ستُشكّل بذرة أسلوبك.
2. لا تكرر، بل استلهم فقط
لا مانع من مشاهدة الآخرين للإلهام، ولكن لا تقلّدهم حرفيًا.
✳️ بدلاً من نسخ فكرة فيديو من يوتيوبر مشهور، اسأل نفسك:
-
كيف أقدّم نفس الموضوع بطريقتي؟
-
هل يمكنني دمج الفكرة مع تجربة شخصية؟
-
ما الأسلوب الذي يجعلني مرتاحًا وأنا أشرح الفكرة؟
مثال: لو أعجبك فيديو "روتين صباحي"، لا تصور نفس المشاهد، بل اعرض روتينك الحقيقي مهما كان بسيطًا.
3. اجعل شخصيتك هي العلامة التجارية
الناس يتابعون "الأشخاص" أكثر من "الأفكار".
كن أنت العلامة المميزة لقناتك: بضحكتك، بطريقة شرحك، بطريقة سردك أو حتى عفويتك. هذه هي هويتك المرئية.
✳️ أمثلة على جوانب تصنع شخصيتك على الشاشة:
-
استخدامك للغة معينة (عامية أو فصحى).
-
الإيماءات، النظرات، حس الدعابة.
-
الإخلاص في المشاعر، لا التمثيل الزائف.
4. تعمّق في شغفك الشخصي
كل شخص لديه اهتمام فريد.
ابحث في داخلك: ما الذي تتحدث عنه بحرارة؟ ما الذي لا تملّ منه؟
اجعل هذا هو محور القناة، وسيأتي الأسلوب تلقائيًا، لأنك تتكلم من قلبك.
مثال: فتاة تهوى قراءة الكتب، بدأت تراجع الكتب بأسلوب جاف، ثم اكتشفت حبها لسرد القصص، فصارت تحوّل كل كتاب إلى قصة مؤثرة... وهكذا وُلد أسلوبها الخاص (قناة Dodet Kotob).
5. جرّب كثيرًا... ثم استقر
في بداياتك، لا تخف من تجربة أنماط مختلفة:
-
جرّب فيديوهات قصيرة وطويلة.
-
جرّب أن تتحدث مباشرة أو تُسجل صوتك فقط.
-
جرّب تغيير الخلفية، الموسيقى، طريقة المونتاج.
كل تجربة تُقربك أكثر من "النسخة الأصلية" لك.
⏳ ثم بعد عدة فيديوهات، ستلاحظ ما يناسبك، وما يحب الجمهور منك أكثر، وبهذا تولد البصمة.
أمثلة على صانعي محتوى وجدوا أسلوبهم:
1. قناة “Ali Abdaal” – من الطب إلى الإنتاجية
علي عبدهال بدأ قناته كمجرد طبيب يشارك نصائح دراسية لطلاب الطب، مستخدمًا أسلوبًا بسيطًا ومباشرًا.مع الوقت، اكتشف شغفه بمجال الإنتاجية وتطوير الذات، فبدأ بتقديم محتوى يمزج بين العلم، التجربة الشخصية، ونصائح الحياة العملية.
ما جعله يتميز هو طريقته الهادئة في الشرح، استخدام الرسوم التوضيحية، ونبرة صوته المريحة. أصبح الآن من أشهر صنّاع المحتوى في مجال التطوير الشخصي.
2. قناة “أحمد الغندور – الدحيح”
بدأ أحمد الغندور بمحاولات بسيطة لشرح المفاهيم العلمية بطريقة فكاهية.لكن سر تميزه لم يكن فقط في المعلومات، بل في أسلوب السرد الساخر المليء بالتشبيهات غير المتوقعة، والطاقة العالية، والتشويق في العرض.
أسلوبه هذا جعله رمزًا في المحتوى العلمي العربي، ونجح في تحويل العلم إلى ترفيه ممتع.
3. قناة “AsapSCIENCE”
بدأ الثنائي الكندي بصنع فيديوهات علمية مرسومة باليد بأسلوب بسيط.بدلًا من الظهور على الكاميرا، ركزوا على الرسم باليد + الشرح الصوتي. هذا الدمج بين البساطة والوضوح أصبح هويتهم البصرية، وتعرفهم به الجماهير في كل مكان.
4. قناة “روان” – التدوين العاطفي بالفيديو
روان بدأت قناتها كبودكاست صوتي حول المشاعر، ثم بدأت تدمج الفيديو مع صوتها، وتضيف لقطات طبيعية هادئة من حياتها اليومية.أسلوبها الخاص يعتمد على السرد العاطفي + موسيقى هادئة + لقطات تعكس المشاعر.
تميّزت بروحها الهادئة، وعمقها، وجعلت من القناة ملجأً لكل من يبحث عن لحظة تأمل أو احتواء.
5. قناة “Abu Falafel” – الكوميديا الشعبية بطابع محلي
صانع المحتوى هذا استطاع أن يصنع أسلوبًا خاصًا من خلال دمج الكوميديا باللهجة المحلية، ونقد الواقع الاجتماعي بأسلوب ساخر قريب من الناس.بأسلوبه العفوي والتمثيل الساخر، استطاع أن يحافظ على جمهور مخلص ينتظر كل جديد منه.
6. قناة “زينب الهاشمي” – من التصوير إلى السرد القصصي
بدأت زينب قناتها كمدونة فيديو يومية (Vlog)، ثم اكتشفت أنها تميل أكثر إلى السرد القصصي المصور.تحولت قناتها إلى مجموعة من القصص التي تُروى من منظور شخصي، مع لمسة فنية في التصوير والمونتاج.
أسلوبها الخاص أصبح يجمع بين الحميمية والجمال البصري.
لماذا الأسلوب الشخصي مهم أكثر من الجودة التقنية؟
الناس قد ينسون جودة كاميرتك، لكنهم لن ينسوا كيف جعلتهم يشعرون.
حتى وإن كنت تستخدم هاتفًا فقط، إذا كنت صادقًا، لديك أسلوبك الخاص، وروحك واضحة في الفيديو… فهذه عوامل تسبق كل المعدات.
وماذا لو شعرت أن أسلوبي لا يُعجب الناس؟
ليس كل أسلوب يُناسب الجميع، وهذا طبيعي.
بدلًا من محاولة إرضاء الجميع، ركّز على جمهورك "الطبيعي" الذي سيحبك لأنك أنت، لا لأنك مثل غيرك.
🛑 لا تغيّر نفسك لأجل المشاهدات المؤقتة… لأنك لن تستمر.
بناء أسلوبك يحتاج صبرًا
تمامًا كما تنمو الشجرة من بذرة صغيرة، هويتك على يوتيوب تحتاج وقتًا لتنضج.
لا تتسرّع بالحكم على نفسك من أول 10 أو حتى 50 فيديو.
المثابرة مع المراجعة الذاتية هي السر.
خاتمة: كن أنت… تكن الأفضل
الطريق إلى صناعة أسلوبك الخاص على يوتيوب ليس مفروشًا بالمثالية، بل بالإخفاقات الصغيرة، والتجارب، وإعادة التوجيه.
لكن ما دمت صادقًا مع نفسك، وتُحب ما تقدمه، وتُطوّر نفسك باستمرار… فإن أسلوبك الخاص سيتكوّن تدريجيًا، ويصنع بصمة لا تُنسى.
لا تبحث عن "الوصفة السحرية"، بل ابحث عن صوتك… هو أهم ما تملك.