متلازمة ستوكهولم: شرحها، اسبابها، علاجها

الدكتور مكي هيثم
الصفحة الرئيسية

 متلازمة ستوكهولم

متلازمة ستوكهولم

متلازمة ستوكهولم هي ظاهرة نفسية غريبة يمكن أن تحدث بين الضحية و جلاده، بوصف أدق، قد ينتهي الأمر ببعض الرهائن إلى نوع من أنواع التعاطف، أو حتى الإعجاب، تجاه السجان أثناء أسرهم.

1/ ماهي متلازمة ستوكهولم؟

 تعرّف متلازمة ستوكهولم بأنها "رابطة التعاطف التي تنشأ بين ضحية الإختطاف و آسره". يمكن أن تظهر هذه المتلازمة في مجموعة متنوعة من الجرائم: جرائم الجنس، العنف ضد المرأة، السطو المسلح، اختطاف الرهائن، و الإبتزاز بأنواعه.

ويتعلق ظهور المتلازمة اللاإرادي عند الضحايا، بغريزة البقاء على قيد الحياة.

 ظهر مفهوم متلازمة ستوكهولم منذ حوالي 40 عاما، بعد حادثة احتجاز الرهائن في ستوكهولم بالسويد. في نهاية أوغسطس سنة 1973، سطى ستة مجرمين على بنك بالعاصمة السويدية، وقاموا باحتجاز أربعة موظفين كرهائن، بعد انتظار طويل دام أسبوعا كاملا، و بعد المفاوضات، تم إطلاق سراح جميع الرهائن سالمين. 

الغريب في الأمر، هو أن الرهائن رفضوا فيما بعد الشهادة ضد الخاطفين، بل و منهم من ذهب لزيارتهم في السجن، كما يذكر أن إحدى الضحايا كانت على علاقة عاطفية مع أحد الخاطفين.

منذ هذه الحادثة، تم تحديد العديد من مظاهر هذه المتلازمة.

 تعدّ حادثة اختطاف الفتاة ذات الـ19 عاما باتريشيا هيرست، مثالا آخر عن متلازمة ستوكهولم، حيث تم اختطاف ابنة الملياردار الأمريكي، من طرف مجموعة إرهابية تشارك في الكفاح من أجل ثورة اجتماعية لصالح الأشخاص الأكثر فقرا و حرمانا في كاليفورنيا. وعد الخاطفون بإطلاق سراح باتريشيا إذا ما قام والدها بتوزيع طعام جيد النوعية على جميع فقراء كاليفورنيا.

 كشفت باتريشيا لاحقا في تصريح لها، أن لطف و شجاعة خاطفيها غرس فيها نوعا من الإعجاب بهم، فتبنت ثقافتهم، و قامت بدعم أنشطتهم، و قد وصل بها الأمر إلى مساندتهم في الهجوم المسلح على أحد البنوك، وواصلت مشاركتهم أفكارهم إلى غاية القاء القبض عليها سنة 1976.

ملاحظة: متلازمة ستوكهولم هي تعاطف الضحية مع المجرم، أمّا تعاطف المجرم مع الضحية فهي متلازمة ليما.

2/ أسباب ظهور متلازمة ستوكهولم:

يتطلب ظهور متلازمة ستوكهولم حالة من الإجهاد النفسي الشديد، ففي حالة الإختطاف مثلا، يتعرض الرهائن لصدمة نفسية عنيفة جدا، بعدما تصبح حياتهم على المحك، في غضون ثوان قليلة، و يتغير تفكيرهم جذريا بعدما كانوا يعملون في جو تسوده الطمأنينة و الهدوء، ليدخل الضحايا في حالة من الإضطراب تجعل من اتخاذ القرارات البسيطة أمرا مستحيلا. بعد الصدمة مباشرة يعمل العقل على إعادة التنظيم التنفسي، للتكيف مع الوضع و إيجاد معايير جديدة تسمح بالنجاة من الموقف.

 تظهر متلازمة ستوكهولم بشكل خاص في الحالات التي يعتمد فيها الرهائن بشكل كلي على الخاطفين، فيسمحون لهم بتناول الطعام، التنقل، الذهاب إلى المرحاض، و ما إلى ذلك. وإذا لم يسئ الخاطف معاملة الرهينة، يُنظر إليه على أنه الشخص الجيّد، ثم شيئا فشيئا تتبنى الضحية أفكار و مبادئ المجرم الاخلاقية، و كلما طال الوضع، كلما زاد احتمال تجذر الشخصية الجديدة في الرهينة، لدرجة أن بعض الرهائن ينحازون إلى الخاطف و يعارضون الشرطة.

في النهاية، تعرّف متلازمة ستوكهولم على انها آلية تأقلم تسمح للرهائن بالبقاء على قيد الحياة، وهي عبارة عن تعديل في الدماغ يهدف إلى تقليل القلق الناجم عن التغيير المفاجئ في البيئة و خطر الموت. 

3/ تشخيص الإصابة بمتلازمة ستوكهولم:

لتشخيص الإصابة بمتلازمة ستوكهولم، يجب توفر ثلاثة أعراض مرتبطة عند المصاب:

- لا يشكو الضحية من العنف، الإعتداء، أو الإصابة التي تعرض لها.

ـ يظهر عند الضحية شعور من التفهم، التعاطف، و حتى المحبة تُجاه أقوال و أفعال المعتدي.

ـ لا يعارض الضحية مهاجمه، بل يسعى إلى تبرير أفعاله.

4/ علاج متلازمة ستوكهولم:

يكون علاج الضحايا المصابين بمتلازمة ستوكهولم طويل المدى، خاصة إذا كانت الحادثة التي تعرضوا لها قد شكلت صدمة حادة في حياتهم، و أثّرت بشكل بالغ في شخصيتهم.

يتمثل العلاج في إعادة البناء النفسي للضحايا، عن طريق المتابعة النفسية الدقيقة، و المكثفة، بالإضافة لدعم الأسرة، و تستمر أحيانا لعدة سنوات. 

قد يعجبك أيضا: متلازمة ليما نقيض متلازمة ستوكهولم.

  

 

google-playkhamsatmostaqltradent